الصدقة هي من الأعمال المباركة التي تقرب العبد إلى ربه، ولن يستشعر حلاوتها إلا من جرّبها، وتعد الصدقة الجارية إحدى أنواع صدقات التّطوع والعمل الخيريّ، الذي يستفيد منه المحتاج بشكلٍ مستمر حتى وإن توفى الشخص المتصدّق.
لتتعرف أكثر على الصدقة الجارية وفضلها تابع القراءة.
الصدقة الجارية: ما هي؟
الصدقة الجارية هي ما يتصدّق به المسلم أو يبذله في حياته وتستمر الفائدة منه حتى بعد مماته.
جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم، قال رسولنا الكريم، محمد صلّ الله عليه وسلّم: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).
أمثلة وأنواع الصدقة الجارية
تتنوع أشكال الصدقة الجارية، وفيما يلي نوضحها:
سقيا الماء
تعد سقيا الماء من أحب الصدقات الجارية عند الله وأفضلها، فعن الصحابي الجليل سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال: (قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء).
كما أن التبرع بحفر البئر كنوع من الصدقة الجارية ثوابه كبيرٌ جداً في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فـ المتوفى قد يحصد الأجر من كل مياه تشربها الناس أو تسقى بها الحيوانات.
بناء مسجد
إنفاق المال في بناء المساجد يعد من أعظم القربات إلى الله، ودليل فضل بناء المساجد عند الله تعالى أنّه قال: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18].
عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من بنى مسجدا -قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله – بنى الله له مثله في الجنة» رواه البخاري ومسلم.
اقرأ أيضًا: الأعمال المستحبة في الأيام البيض
كفالة طالب علم
فقد حثّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على كفالة طالب العلم ودعمه من خلال تقديم الصدقة والتبرع لكفالته بقوله “من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة)
ويعتبر العلم و الانتفاع به صدقة جارية للإنسان حتى بعد مماته.
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان اِنقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
كفالة يتيم
كفالة اليتيم من أفضل الصدقات الجارية عند الله تعالى، وأحبها للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في كفالة اليتيم: (وَأنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا).
إطعام الفقراء والمساكين
لإطعام الفقراء و المساكين فضل عظيم فهي تعتبر من:
- صفات الأبرار كما قال عنها الله تعالى.
- طريق للنجاة من أهوال يوم القيامة.
- صدقة جارية للميت.
الصدقة على الأقارب، وذوي الأرحام يعتبر أفضل إن كانوا محتاجين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان: صدقة وصلة.
وقد قال -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ).
فضل الصدقة الجارية
تتجلّى أهمّية الصدقات في الحياة الآخرة على النحو الآتي:
- استمرار وصول الثواب بعد وفاة الإنسان ما دام الناس ينتفعون منها، فعندما يموت الإنسان تُختَم أعماله بـ استثناء الصدقات الجارية.
- دَفع مِيتة السوء، وتعني الموت على معصية الله -تعالى-، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الصدقةَ لَتُطْفِئُ غضبَ الربّ، وتَدْفَعُ مِيتةَ السُّوءِ).
- الوقاية من أهوال يوم القيامة قال -تعالى-: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)، إلى أن قال -تعالى-: (فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا).
- تطهير النفس من الأعمال السيئة قال -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
- سبب في أن يُظِلّ الله -تعالى- العبدَ بظِلّه يوم القيامة، ففي الحديث: (ظِلُّ المؤمنِ يومَ القيامةِ صَدقتُه).
- سبب لدخول الجنة و الوقاية من عذاب الله -تعالى-، ففي الحديث: (أيُّها النَّاسُ ! أفشوا السَّلامَ، وأطعِمُوا الطعامَ، و صلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ، تدخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ).
- النجاة من الهلاك يوم القيامة فقد قال -تعالى-: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
أما عن أهمّية الصدقة الجارية في الحياة الدنيا فهي تتجلى من الناحية الصحّية، و النفسية، و الاجتماعية، وتشمل:
- انشراح الصدر.
- راحة القلب.
- البركة في الرزق.
- تحقيق التراحم بين الناس.
- تعزيز روح التكافل الاجتماعي بين الناس.
- دفع البلاء والشرور.
المصادر:
- فصل: حكمة مشروعيّة الصّدقة وفضلها|نداء الإيمان. (n.d.). http://www.al-eman.com
- ما هي الصدقة الجارية واهم فوائدها في الاسلام. (n.d.). جمعية أصدقاء القلب الخيرية. https://hfcsstore.org/ar/blog
- I. (n.d.). بناء المساجد من الصدقة الجارية. https://www.islamweb.net/ar/fatwa
- كفالة طالب العلم. (n.d.). جمعية الإحسان الخيرية. https://alihsan.ae/ar/sponsorship/student-sponsorship.aspx